فصل عنصري في الموت: منع دفن المهمشين في مقبرة بتعز

يُعتبر موضوع فصل عنصري في الموت: منع دفن المهمشين في مقبرة بتعز من المواضيع التي حظيت باهتمام المتابعين في الساعات الماضية، حيث ورد في موقع المشاهد نت وتم تداوله على نطاق واسع نظراً لأهميته وتطوراته المتسارعة.
وفي هذا التقرير، يعرض لكم "الصحافة نت الآن" أبرز ما ورد حول فصل عنصري في الموت: منع دفن المهمشين في مقبرة بتعز بعد التحقق من المصادر وتحديث المعلومات وفق المستجدات المتوفرة.
تعز- عبد الغني عقلان
“حتى المقابر رجعونا لحالنا ما رضوش يقبرونا بجانبهم. أخرجونا لوحدنا قالوا المهمشين معاهم مقبرة لحالهم ماخلوناش مع بعض”.
بهذة العبارة بدأ الحاج الستيني علي قاسم، مواطن من فئة المهمشين في مديرية الشمايتين، يروي لنا قصة الفصل في المقبرة بين البيض والسود في قرية غفير -مقبرة الجدين- عزلة الرجاعية بمديرية الشمايتين، جنوب مدينة تعز، الواقعة تحت سلطة حكومة مجلس القيادة الرئاسي.
يواصل حديثه مع “المشاهد”: سكن الآباء والأجداد هنا وعندما يموت أي شخص رجل أو امرأه أو طفل يتم دفنه هنا في هذه المقبرة التي اسميت “مقبرة الأخدام” من زمان.
يسكن المهمشون في أربع قرى جوار المقبرة وهي كدرة الفرانية، قرية صبرية، قرية السلم، قرية المقاهية. يصل إجمالي عدد المهمشين في هذا القرى نحو 157 أسرة في بيوتٍ مبنيةٍ من أحجارٍ صغيرةٍ وإطارات السيارات ومسقوفة من أعواد الشجر. محرمون من كل الخدمات العامة ويعانون من مرارة التمييز والموروث الاجتماعي والنظرة الدونية.
هذه الممارسة مقتصرة فقط على عزلة الرجاعية في مديرية الشمايتين وليست منتشرةً في عموم اليمن، بحسب الاتحاد الوطني للمهمشين، منظمة مهتمة بالدفاع عن حقوق المهمشين في اليمن.
وهذا ما دفع السلطة المحلية لتشكيل لجنةٍ لتحري مصداقية وجود مقبرة خاصة بالمهمشين. وقد نزلت لجنة إلى المنطقة برئاسة مدير مكتب الأوقاف في مديرية الشمايتين، منير المسني، في مطلع يونيو الجاري.
التقرير الذي تم رفعه لمدير مديرية الشمايتين،.وحصل “المشاهد” على نسخةٍ منه، نفى وجود مقبرةً خاصةً بالمهمشين في عزلة الرجاعية بالاستناد على شهادات من أهالي المنطقة.
وقال التقرير إنه لم يتبين منع المهمشين دفن موتاهم في مقبرة الجدين؛ بدليل أنه تم دفن ثلاثة مهمشين في المقبرة، وأن الحاجز الفاصل وسط المقبرة وضع لمنع التراب من الانجراف.
محمد العزي (40 عامًا)، أحد وجهاء عزلة الرجاعية، يقول في حديث مع “المشاهد”: “منذ كنت صغيرًا حتى الآن وأنا أعرف أن هذه المقبرة تسمى (مقبرة الأخدام)، فعندما يموت أحد منهم يتم دفنه في الجزء المخصص لهم”.
يضيف: “منذ عرفت نفسي والمقبرة مقسومة نصفين ويوجد حاجز كقسم خاص بالمهمشين، وقسم خاص بالقبائل، وأصبح عُرفٌ اجتماعي متداول حتى اليوم”.
محمد العزي، أحد وجهاء عزلة الرجاعية “منذ عرفت نفسي والمقبرة مقسومة نصفين ويوجد حاجز كقسم خاص بالمهمشين، وقسم خاص بالقبائل، وأصبح عُرفٌ اجتماعي متداول حتى اليوم”.
وفي نفس السياق، يقول محمد الحمادي، إعلامي وناشط مجتمعي: “لأول مرة أسمع بوجود مقبرة خاصة بالمهمشين، والأغرب من ذلك أن هذا الفصل يحصل في محافظة تعز التي تعرف بالثقافة واحترام حقوق الانسان والحرية ومناهضة التمييز بكل أشكاله”.
وأشار إلى أن هذا السلوك غير الحضاري يتم تكريسه منذ زمن طويل لخلق حالة اهتزازٍ في النسيج الاجتماعي وتقسيمه وزرع الفرقة بين أبناء المجتمع”.
تقول مريم علي، ناشطة في مجال مناصرة حقوق الانسان: “تقسيم المقابر بين الفئات المهمشة وغير المهمشة أمر غير مرغوب به، وله دلالة وأبعاد غير طبيعية على المدى القريب والبعيد،.وإن دل على شي فإنه يدل على عمق التمييز والاحتقار الذي يمارس على طبقة المهمشين، خصوصًا في المحافظات الشمالية”.
وتضيف: “من العيب أن تظل هذه الثقافة قائمة في المجتمع اليمني ونحن جميعًا مواطنون يمنيون لنا حقوق وعلينا واجبات. ومن الضروري أن نحترم حقوق الإنسان بغض النظر عن اللون والعرق، وأن نترفع على ثقافة التمييز والاحتقار لبعضنا البعض”.
ويقول محمد العزي “لم يحدث مثل هذا التمييز في أي مكانٍ آخر، وهذه الثقافة لا يرضى بها عاقل في مجتمع، ولا يرضى بها إلا ضعفاء النفوس والمتكبرين على الناس”. وواصل: “على الدولة أن تلغي كافة هذه السلوكيات التمييزية ضد المهمشين وتحقيق المواطنة المتساوية”.
يونس عبدة سيف (36 عامًا)، مواطن مهمش من عزلة الرجاعية، يقول: “توفي أخي وذهبنا للمقبرة وتفاجئنا بوجود اثنين من البيض غير المهمشين يمنعوننا من قبر أخي في مقبرة القبائل، وحصل خلاف بينا وبينهم”. وأضاف: “هذه المقبرة تم تخصيصها للسود من زمان، وأعرف 23 شخصًا من المهمشين تم دفنهم في مقبرة الأخدام منذ أن بلغت الرشد حتى اليوم”.
الأمين العام للاتحاد الوطني للفئات الأشد فقرًا – فرع تعز، صالح عبده صالح، يقول: “سلبت منا حقوق الحياة المكفولة في الدستور والقانون والتشريعات الدولية ومواثيق حقوق الإنسان، وحرمان المهمشين من كل الخدمات العامة والسكن والوظيفة العامة، كل هذا يحصل لنا والجميع يعرف هذا”.
ويضيف: “وجود مقابر خاصة لذوي البشرة السوداء يعتبر فصل على أساس عنصري متأصل وسط المجتمع، وفق ثقافة خاطئة، على الحكومة أن تضع حد لمن يمارسون هذه السلوكيات غير المسؤولة والخارجة عن الشرع والقانون ومعاقبتهم وفق القانون”.
الصحفي جميل الصامت، يقول: “بروز ظاهرة الفصل العنصري دخيلة على المجتمع اليمني، وتخصيص مقابر خاصة بالمهمشين وصمة عار على جبين العدالة الاجتماعية، وإعادة إنتاج للتمييز بأسلوب أكثر قساوة”.
الصحفي جميل الصامت: “بروز ظاهرة الفصل العنصري دخيلة على المجتمع اليمني، وتخصيص مقابر خاصة بالمهمشين وصمة عار على جبين العدالة الاجتماعية، وإعادة إنتاج للتمييز بأسلوب أكثر قساوة”.
ويضيف: “لقد فقدت الإنسانية معانيها ودفنت مبادئها كليًا في مقبرةٍ بات دفن الموتى فيها يخضع لمعايير اللون والعرق”.
ظل التمييز يلاحق المهمشين حتى المقابر في بعض المناطق بشكل غير طبيعي، وحرمان من الحقوق في الحياة. يجعلنا نتذكر سؤال يطرحه الأغلبية من أنباء المجتمع: “أين يقبر الأخدام موتاهم” . ربما مع مرور فترةٍ من الزمان قد نكون قد حصلنا على إجابة عن هذا السؤال في ريف تعز.
ليصلك كل جديد
الإعلاميون في خطر
مشاورات السلام
كشف التضليل
التحقيقات
التقارير
يُشار إلى أن تفاصيل فصل عنصري في الموت: منع دفن المهمشين في مقبرة بتعز منشورة في موقع المشاهد نت، وقد قام فريق التحرير في "الصحافة نت الآن" بمراجعتها والتحقق منها، كما قد تكون المادة منقولة جزئيًا أو بالكامل وفق ما تقتضيه المصداقية التحريرية. لمتابعة التحديثات والتفاصيل الكاملة يمكنك الرجوع إلى المصدر الأصلي.
وفي الختام، نأمل أن نكون في "الصحافة نت الآن" قد وفرنا لكم تغطية وافية حول فصل عنصري في الموت: منع دفن المهمشين في مقبرة بتعز بكل حيادية ووضوح.